لماذا تأخرت؟

إذا كنتَ يومًا تعيش في حزن لأن طلبًا لك قد تأخر رغم إلحاحك على ربك ليعطيك إياه، وإذا تساءلت يومًا عن رزق كنت تتمناه فلم تجده عندك بل وجدته عند غيرك، وإذا عجبت يومًا لماذا تأخرتَ وتقدم غيرُك.. فإليك هذه القصة لتجيب لك عن هذه الأسئلة وتلك الهواجس.



كانت لها صديقتان وارتبطوا جميعًا بصداقة متينة ومحبة قوية، كبروا معًا، وتخرجوا معًا، ثم تقدم شاب يخطب أجملهن، وكان شابًا وسيمًا ملتزمًا ميسور الحال، وكانت فيه صفات كثيرة جميلة فتمنت أن يرزقها الله مثل هذا الزوج الرائع الصفات، لكن ذلك لم يحدث بل تقدم شاب آخر لصديقتها الثانية، وتزوجت الصديقتان وظلت هي دون زواج، لم تحزن لتأخرها فهو قدر الله تعالى.



بل فرحت لصديقتها، وكانت تسعد لسعادتها وتشقى لشقائها، وتنصحها بصدق وإخلاص، ورغم طول ألسنة من حولها وهو يتساءلون لماذا تأخرت في زواجها عن صاحباتها، وعكفت على أعمال الخير تشغل بها وقتها، وأفرغت عاطفتها المتأججة في صدور المحتاجين والبائسين دون اعتراض على ما كتبه الله.



وتمر الأيام فإذا بشاب صالح يتقدم طالبًا منها الزواج، وتوافق على الفور فهو عطوف محب للخير مثلها، بالإضافة إلى شرطها الأساسي في زوج المستقبل وهو التدين، ثم اصطحبها للسفر معه في إحدى الدول المتقدمة فعاشت معه في سعادة وهناء ومحبة، وبدأت قصة حب رائعة عوضتها ما فاتها من أيام.



أما صديقتاها فقد حزنت كثيرًا عما حدث لهما فأولاهما طُلِّقت بعد أشهر من زواجها، وثانيتهما سافر زوجها إلى إحدى الدول الغربية للعمل بها وتركها مع ابنتها في وحدة وفراغ.



القلق

هناك من ينظر إلى مستقبله نظرة القلق فلا يستطيع الاستمتاع بما في واقعه من جمال، وتضيع أيامه وهو يفكر في الغد.



إننا نتعلم بعد فوات الأوان أن قيمة الحياة في أن نحياها كل يوم منها وكل ساعة، ولقد جربتَ القلق فهل وجدتَه نافعًا أم عطلك عن عملك؟



والقلق على المستقبل مصدره الشيطان قال تعالى ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ (البقرة الآية 268).



واسمع إلى رجفات القلق:

1- هل سأتزوج أم أن الله لن يكتب لي الزواج؟



2- تأخرتُ في الزواج بينما خُطبت قريناتي وتزوجن فمتى سأتزوج؟



أو تتساءل الأم في لهفة متى ستتزوج ابنتي؟



كما حدث عندما جاء شاب يشكو من قلق أمه على أختيه حتى أنها كلما جلست في مجلس أخذت تردد كلمات قلقها، وتطلب من الأقارب والأصدقاء بلهفة البحث على زوجين لابنتيها، وتلمح لأصدقائه الشباب أن لديها عروسين ثم ماذا؟ ثم لم يمر عامان إلا وكانت الابنتان قد تزوجتا، ورُزقتا بالأطفال بعيدًا عن مسارات بحث الأم.



3- هل سأتزوج إنسانًا محبًا وفيًّا أم العكس؟



4- هل ستصاب حياتي الزوجية بالملل والكآبة وداء الصمت المنزلي كباقي الزيجاب؟



5- هل ستفشل زيجتي؟



6- فشلت حياتي الزوجية فهل سأجد السعادة في حياتي؟، وكأن السعادة حكرٌ على المتزوجين فقط، وكأن الهدف الأكبر للنساء في هذه الحياة هو الزواج وليس عبادة الله!!



7- والابن تراه رضيعًا بين يدي أبويه، ويتساءل أحدهما قلقًا عن المدرسة التي سيلتحق بها والجامعة التي سيدخلها، ويتحدث عن صعوبة التعليم وانعدام الوظائف، ويقول في جزع وهو يحتضن ابنه: ستكون حياته صعبة للغاية!!.



قل: لا للقلق

"فلا تعبر الجسر قبل أن تأتيه" كما يقول المثل الصيني، واستمتع بيومك، واستمع إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا" (رواه البخاري)، وأعلم أنه قد فرغ من القضاء وكل شيء عند الله مكتوب قال تعالى ﴿أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (النحل الآية 1).